>
Zurück / عودة الى الرئيسية
فيما يلي أتابعُ هنا نشرَ أربع قصائد من ديواني الثاني الذي ينتظرُ نهاية وباء كورونا، وربما أوبئة أخرى مرئية وغير مرئية حتى أُرسله إلى الطباعة والنشر:
كَي أحِبُّكِ بالفِكْرِ
بِالدَمْعِ جاءَتْني
يَمْلأُ مُقْلَتَيْها.
بِالعِطْرِ جِئْتُها
بِرَحيِقِ جَسَدي.
وذُبْنا مَعاً في واحَةِ عِشْقٍ
لا خَلاصَ منه إلا
في دَفينِ المَوْتِ
أو في حَياةٍ آتِيةْ،
فَصَرَخْتُ في مَعْشوقَتي وأنا في الوَجْدِ مُشْتَعِلٌ:
يا آسِرَةَ قَلْبي وحَواسي ووِجْداني
فِكّي باللهِ عَليْكِ الغِلالَ عَنّي
وأَطْلِقيني بَحالي
لأَشْهَدَ على ما تَبَقَّى منكِ ومنّي،
وأفسَحي لي في المَجالِ ما أَحْتاجُهُ من بُعْدٍ
كَي أُحِبُّكِ الآنَ بِالفِكْرِ
كَما أَحْبَبْتُكِ باِلجَسَدِ.
الحَرَكَةُ
إن كانتْ مسافةُ الألف ميل تبدأُ بخطوةْ،
كما يقولُ مثلٌ صيني،
فأن غزوَ الفضاءْ بدأ منذ القِدَمِ بحركةٍ صغيرةٍ معبِّرةْ:
قفزةٌ في الهواء إلى الأمام،
أخرى إلى الأعلى
وثالثةٌ إلى اليمينِ أو إلى اليسارْ
في محاكاةٍ آليةٍ لحركة الطيورْ.
...ثُمّ طار الانسانُ بمُحرّكٍ قاهرٍ للجاذبيةْ إلى أجواءٍ شاهقةْ، قفزَ من ثَمَّ إلى خارج قوَّةِ الجذْبِ في مسبارٍ فضائيّ دار بهِ حول الأرضِ وراقبَ من فيها وعليها،
سافرَ روادُ الفضاءِ إلى جارنا القمرْ، حدّقوا بصفاءٍ كونيٍّ إلى الأرض في الأسفلْ، وإلى دربِ التبانةِ في الأعلى دون أن يعْرفَ أحدٌ حتى اليومْ أين الأسفلُ وأين الأعلى،
غازلوا المريخَ والزُهْرةْ في سكونٍ لا يقطَعهُ سوى عناقُ الحركةِ الصامتةِ اللامتناهيةْ مع الكون اللامتناهي بصَمْتهِ في سمفونيةٍ راقصةٍ نقَّحها يوهان شتراوس الابن خطأً لأنها لا تصْدحُ، ولا نَغمٌ لها يُسمعْ في انتظاِر إشارةٍ ما فوقَ سماويةٍ لم تأتِ بعدْ،
ولن تأتي إلا حين انتهاءِ الثُريّاتِ والمَجرّاتِ من رقصةِ الفالسِ الصامتةْ التي تتَّقنها باحترافٍ وتقنيّةٍ منذ حدوثِ الانفجارِ الكوني الكبيرْ...
جنونُ الحبّ
عَشِقْتُكِ، وأنا المَفْتونُ بحُبِّكِ،
منذ الرابِعةَ عَشَرةْ من عُمْري
وواصَلْتُ عِشْقَكِ في الخامسةَ عشرةْ،
وفي السادسةَ عشرةْ لمْ أبَدّلْ تبديلا
وأقَمْتُ لكِ في السابِعةَ عشرةْ من عُمري
مَذْبحَ عشْتروتٍ في قَلْبي وروحي،
وكنتُ مُسْتَعداً من أجْلِكِ
أنْ اُنازِلَ مَجْنونَ ليلى
لأَنتَزعَ منهُ بضَرْبةٍ واحدةٍ
لَقَبَ الجُنونِ
لو لم أكْتَشِفْ في اللحْظَةِ الفاصِلةْ
حُبَّكِ المَجْنونِ
لأَحَدٍ غيري.
مَنارَةٌ
على رَصيفِ حَياتي أقِفُ مِثلَ مَنارةٍ
تَدورُ على نَفْسِها وتَدورْ،
يَشُعُّ نورُها في الاتجاهاتِ كلِّها،
يَرْتطِمُ شُعاعُها بِصَمْتٍ لا يَخْدِشُ أَحَداً
فيُضيءُ ما هو جامِدٌ ومتَحَرِّكْ،
يَكْشِفُ الحاضِرَ ويَسْتكْشِفُ المُسْتقبلْ
دونَ تَعَبٍ، تأفُّفٍ أو تَمَلْمُلْ.
على رَصيفِ حَياتي
تَمُرُّ الثَواني والدَقائِقُ والساعاتِ والأيامُ والسُنونْ
في بُرْهَةٍ كونيَّةٍ مدْهِشةْ،
أُواصِلُ خِلالَها الإنارَةَ على القَريبينَ مني والبَعيدينَ عني،
فيما أبْقى في الظِلِّ مُعَتَماً عليَّ فلا يَراني أحدٌ
ولا يَشْعُرُ بي،
أنا الواقِفُ وَحيداً وعَنيداً مثلَ صاري
أُواجِهُ الأعاصيرَ والوُجودَ والزَمَنَ العاتي
على رَصيفِ أفْكاري وتَخَيُّلاتي.
لكنْ إلى متى سأبْقى صامِداً
وإلى متى سأُشعُّ واُنيرْ؟
حين يُدفَنُ جَسَدي في بَطْنِ الأرْضِ يوماً
ويَتفتّتُ ويتحلّلْ
تَبْقى روحي الفارّةُ من هذه النِهايةْ
تَسْبَحُ في الفَراغِ الأبَدي،
لا تَكْبَرُ ولا تَشيخْ ولا تَتَجسَّدُ من جَديدْ،
تَعومُ على تَمَوّجاتِ الفَضاءِ الداكِنِ بَعيداً.. وبَعيداً
دونَ وُجْهةٍ أو عُنْوانْ،
تُتابِعُ من عُلُوِّها الكوْنيّ مُهمَّتَها الأبَديّةَ التي
لن يلْحَظْها أحدٌ،
في انْتِظارِ ساعَتَها التي لمْ تأتِ بعدْ.
اسكندر الديك