إن إقدام السيّد حسن نصراللّه على ترتيب حديث له على عجل، مساء غد، يفضح عمق الضرر الذي ألحقه تعجّل الرئيس نبيه بري في إعلان "إطار" التفاوض مع إسرائيل تحت الرعاية الأميركية الأممية.
صحيح أن نصراللّه يرعى خطوات بري في التفاوض مع الأميركيين منذ سنوات، لكنّه تلقّى صدمة في الشكل والتوقيت تركت ندوباً عميقة في صورة "المقاوم" الذي لا يقبل ما دون إزالة إسرائيل من "الوجود"، فكيف يفاوضها على "الحدود"؟!
في الشكل، شكّلت مداخلة بري خروجاً على قاموس "المقاومة" وأدبياتها، فكرر عبارة "إسرائيل" وليس "العدو الإسرائيلي" غير مرة، وترك انطباعاً بأن التفاوض يتم بين دولتين، وليس بين دولة و"كيان"، وفي هذا تضمين للاعتراف والتطبيع. ولم يغيّر "استخفاف" بري بهذا الاتهام شيئاً من حقيقتهما.
أمّا في التوقيت، فلا يستطيع أي مراقب ألّا يرى التزامن بين "التطبيعات" الخليجية مع إسرائيل و"إعلان بري"، ولا مع خدمة معركة ترامب الرئاسية، بما في خطاب بري من ليونة وصداقة وود وثقة مع الجانب الأميركي المفاوض والراعي.
ولا يفيد نصراللّه في شيء تحميله وسائل الإعلام مسؤولية تشويه خطوة بري، أو قوله إن هناك مخططاً لبنانياً وعربياً ودولياً يستهدف "صورته".
لذلك، يهرع نصراللّه غداً إلى محاولة ترميم حطام الصورة، واستعادة شيء من لغة الحرب والتهديد، بالتركيز على الشعار السابق القائل بأن صواريخه هي لحماية حقوق لبنان البحرية والبرية، بينما في الواقع يحوّلها التفاوض إلى ادوات زينة، ومجرد خردة غير قابلة للاستعمال.
سنسمع غداً تفسيرات وتبريرات عن دوافع التفاوض، مع رفع عقيرة الجهوزية للحرب، واستنهاض ثقة "بيئة المقاومة" ورفع معنوياتها، بعدما تبيّن لها أن كل هدير "حزب اللّه" في الردود المزلزلة انتهى إلى ورقة على طاولة مساومات.
إن انكشاف زيف "المقاومة" كذراع لمصلحة الأجندا الإيرانية وليس اللبنانية، لا تستطيع ستره مداخلة من هنا، أو إطلالة من هناك.
فطاولة المفاوضات أصدق إنباءً من التهويلات والعراضات.
الياس الزغبي
ليبانون فايلز
جنرال إسرائيلي يتحدث عن "منافع" ترسيم الحدود البحرية مع لبنان
عدّد جنرال إسرائيلي، بعضا من المنافع التي ستعود على "إسرائيل" في حال تم الاتفاق مع لبنان عبر "مفاوضات مباشرة" على ترسيم الحدود البحرية.
وقال رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي السابق، اللواء الجنرال غيورا آيلند: "بشرنا هذا الأسبوع، أن مفاوضات مباشرة ستجرى بين لبنان وإسرائيل لترسيم الحدود البحرية"، بحسب ما كتب لصحيفة "يديعوت أحرونوت".
ووفقا لما قاله الجنرال الإسرائيلي فإن خروج "تل أبيب" قبل 20 عاما من لبنان كان إلى "حدود دولية معترف بها"، إلا أنه في حال عدم موافقة الطرفين على مكان هذه الحدود "لا يكون الأمر معترفا به".
وأوضح أنه "لما كان رفض لبنان في حينه للحوار مع إسرائيل، فقد نجح رئيس الوزراء في حينه، إيهود باراك، في إقناع الأمين العام للأمم المتحدة، بأنه لغرض الاعتراف بالانسحاب، ستجري تل أبيب مفاوضات مع الأمم المتحدة، والخط الذي يتفق عليه بينهما سيعد خط الانسحاب، وهذا ما حصل بالفعل وتقرر "الخط الأزرق" الذي تعترف به الأسرة الدولية بمثابة خط حدود مؤقت في البر".
وعلى صعيد الحدود البحرية، لفت الجنرال إلى أنه "توجد ثلاثة مناهج مقبولة لترسيمها، وقد اختارت إسرائيل النهج المفضل من ناحيتها وهو: ترسيم خط يقع على 90 درجة مئوية من خط الشاطئ، وبالتالي خط الحدود البحرية هو ذاك الذي يتجه إلى الشمال الغربي، وللدقة في نقطة 291 درجة".
اقرأ أيضا: برّي يستعرض تفاصيل اتفاق ترسيم الحدود بين لبنان والاحتلال
أما لبنان فاختار نهجا آخر، بموجبه تكون الحدود البحرية استمرارا للحدود البرية، وبالتالي فالحدود هنا، هي خط مباشر يتجه من رأس الناقورة غربا (في نقطة 270)، ومن هنا نشأ بين الخط الإسرائيلي والخط اللبناني مثلث الخلاف، الذي يتسع كلما تحركنا غربا".
وفي عام 2000، "قررت الأمم المتحدة ألا تحكم، وهكذا نشأ وضع متواصل من عدم الاتفاق، وعندما تبين بعد سنوات من ذلك أنه توجد حقول غاز كبيرة في المنطقة، أصبح الموضوع أكثر حرجا، ومنذ سنين تجرى مفاوضات سرية غير مباشرة ومتقطعة بين إسرائيل ولبنان في الموضوع".
فوائد التفاوض الخمسة
وأكد آيلند، أن "لبنان من جانبه، قدم تنازلا وتبنى نهجا ثالثا للترسيم، ومع أن مثلث الخلاف بين الطرفين تقلص، إلا أنه بقي ذا مغزى".
ورأى أن "مجرد المفاوضات بين بيروت وتل أبيب، لها معان إيجابية تتجاوز الحاجة لحل النزاع، أولا: فهذه أول مرة منذ نهاية التسعينيات، ستجرى فيها مفاوضات مباشرة بين الطرفين".
أما المعنى الإيجابي الثاني فسيكون متعلقا بالإجابة عن التساؤل: "هل النزاع سيسمح لهما بتوسيع تنقيبات الغاز في المنطقة؟".
اقرأ أيضا: لبنان: اتفاق الإطار.. هل نحن أمام تحولات كبرى؟
وثالثا أن "هناك خسارة واضحة لحزب الله، الذي منع المفاوضات حتى الآن، ليس فقط لأنه يعارض كل حوار مباشر للبنان مع إسرائيل، بل لأن حسن نصرالله (أمين عام الحزب) فهم منذ زمن، أنه في حال أراد فتح معركة عسكرية ضد إسرائيل، فهو ملزم بأن يستخدم الحجة التي تعد كدفاع عن مصلحة لبنان الوطنية".
وأضاف: "طالما أنه بقي الخلاف على الحدود البحرية، فسيكون بوسع التنظيم أن يواصل الادعاء، بأن إسرائيل تسرق المقدرات الطبيعية اللبنانية، وهذا سبب راجح لشن الحرب. أما إذا نضجت المفاوضات بين الطرفين لاتفاق، فسيسحب الأمر البساط من تحت أقدام حزب الله".
وأشار الجنرال، إلى وجود "معنى إيجابي رابع، وهو أن المفاوضات المباشرة في موضوع ما يمكن أن تؤدي إلى مفاوضات في مواضيع أخرى بين الدول المجاورة، وحتى وإن كانت معادية، فالمصالح المشتركة موجودة باستمرار".
ورجح أنه في حال عملت تل أبيب بـ"حكمة" فستتمكن من "تسوية مواضيع أخرى"، مضيفا أنه "لن يكون قريبا اتفاق سلام بين إسرائيل ولبنان، لكن كل تطبيع هو أمر إيجابي".
أما المنفعة الخامسة، بحسب الجنرال، فهي أنه "في حال كان ممكنا الوصول لتسوية للموضوع على أساس المصلحة المشتركة مع دولة لبنان، فيحتمل أن يكون ممكنا إظهار مزيد من الإبداعية بالنسبة للتسوية مع غزة".
والجمعة الماضية عرض رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه برّي، تفاصيل ما اتفق عليه، كإطار للتفاوض حول ترسيم الحدود البرية والبحرية، مع الاحتلال الإسرائيلي، بوساطة أمريكية.
وأكد بري أنّ "زيارة وزير الخارجية الأمريكي بومبيو إلى لبنان أعادت ملف ترسيم الحدود إلى الحياة، والمبادرة التي تمسكت بها هي تفاهم نيسان 1996 وقرار مجلس الأمن 1701 وأن تكون الاجتماعات في مقر الأمم المتحدة في الناقورة وبرعايتها وتحت علم الأمم المتحدة وتلازم المسارين برّاً وبحراً".
عربي 21